19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د.المغامسي: الأمة الإسلامية بحاجة إلى من يجمع كلمتها ويلم شملها ويرأب صدعها

13 أبريل 2014

**الجرأة على دماء المسلمين بسفكها أو الجرأة على أعراضهم بتكفيرهم ورميهم بالردة من أعظم الفتن التي ابتليت بها الأمة

**لابد من الابتعاد عن مواطن الفتن وعدم المشاركة فيها حتى لا تزداد الأمة فرقة والدماء استباحة

**العلم إن لم يقترن بالعبادة فلا خير فيه وعلى طالب العلم يكون همه الأكبر أن يعظم الله بين خلقه

** الإكثار من قراءة كتب السير والتراجم تعكس حقيقة ما كان عليه أسلافنا في حياتهم الاجتماعية

حل إمام وخطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة الشيخ د.صالح بن عواد المغامسي خلال الأيام القليلة الماضية ضيفاً على ادارة الثقافة الاسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، في اطار برامجها التوعوية والايمانية والتوجيهية التي تهدف إلى تنمية وعي المسلمين بتعاليم دينهم وأحكامه والارتقاء بأخلاقهم وثقافتهم الإسلامية.

البرنامج الثقافي للشيخ الدكتور المغامسي كان حافلا بالموضوعات القيمة والعناوين الهادفة التي عالجت جوانب إيمانية وحياتية بالغة الأهمية لدى رواد المساجد وجمهور الفعاليات الإسلامية، وقد شهدت محاضراته في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية وكلية الشريعة والدراسات الاسلامية ومحافظتي الأحمدي والجهراء إقبالا جماهيريا كبيرا.

الأمة والتحديات

حالة التفكك والتشرذم التي تشهدها الأمة الإسلامية كانت حاضرة بقوة في طروحات الدكتور المغامسي إذ أكد أن الأمة في حاجة ماسة إلى من يجمع كلمتها ويلم شملها ويوحد صفها ويرأب صدعها، لأن الأمة الاسلامية أمة واحدة، وعلى كل صاحب كلمة أو نصح لتوحيد الأمة ألا يبخل بها، مشددا على أن الجرأة على دماء المسلمين بسفكها أو الجرأة على أعراض المسلمين بتكفيرهم ورميهم بالردة من أعظم الفتن التي ابتليت بها الأمة.

الابتعاد عن مواطن الفتن وعدم المشاركة فيها حتى لا تزداد الأمة فرقة والدماء استباحة، من الدعوات التي حرص على توجيهها خطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة المسلمين في هذه الظروف الدقيقة من تاريخ الأمة، داعيا العلماء إلى أن يكون لهم جهد في الدعوة للتريث والهدوء وعدم الانفعال أو الاندفاع وتطمين الناس وحثهم على العبادة في زمن الفتن وتبصير الناس بهدوء وسكينة وما يغلب على الظن أنه يجمع الكلمة ويصون الأعراض ويحفظ الدماء.

الشيخ المغامسي كانت دراسته الجامعية في تخصص اللغة العربية، وقد درس وتعلم القرآن الكريم على يد الشيخين محمد محاوي والشيخ الزغبي ودرس على يد الشيخ قاسم الدوجي في الجامعة، وفي الحديث درس على يد الشيخ عمر حسن فلاتة والشيخ شعبان محمد إسماعيل وكان يحضر بعض دروس الشيخ ابن عثيمين في العشر الأواخر في الحرم المكي، كما تأثر بمفتي المملكة الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز ـ يرحمه الله ـ وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد العزيز بن صالح - يرحمه الله.

طلبة العلم

في دروسه ومحاضراته وتوجيهاته كان ومازال لطلبة العلم اهتمام خاص اذ يرى الشيخ المغامسي أن من كان في بداية حياته العلمية عليه أن يشغل نفسه بالعلم وألا يشغل نفسه بالعباد والرد على الأكابر حتى يشتد عوده، كما ينصح طلبة العلم بقيام الليل، لأن العلم إن لم يقترن بالعبادة فلا خير فيه، وأن يكون همهم الأكبر أن يعظموا الله بين خلقه، وهذه الرسالة العظمى التي ورثها الأنبياء.

وأضاف: ولا يتصور استغناء طالب العلم عن القراءة ، قيل للبخاري : ماطلب العلم ؟ قال : " المطالعة وكثرة التأمل والنظر في الكتب " . وأحسب أن القراءة اليوم تكاد تكون أعظم السبل لتحصيل العلم ، ولا يعني هذا الزهد في مجالس العلم وحلقاته ، لكن لابد للمرء من ساعات يكون فيها أسير مكتبته ، ورهين قراءته ، مع تدوين وشغف بالعلم ، كل ذلك يساعد على تكوين شخصية علمية.

كما يطالب الشيخ المغامسي طلبة العلم بالإكثار من قراءة كتب السير والتراجم لأنها في الغالب تعطي حقيقة لما كان عليه أسلافنا في حياتهم الاجتماعية، خاصة أن هذا المسلك غائب عن بعض طلاب العلم لأنهم يعتنون فقط بالأمور الفقهية دون الاهتمام بذلك، هذا إلى جانب التفكر والتدبر بالقرآن الكريم الذي هو الأصل، والشافعي رحمه الله يقول في كتابه الرسالة ان الإنسان إذا كان ملما بالقرآن عاملا به كان أهلا للإمامة في الدين، خاصة أنه لايوجد خير لم يرشد إليه القرآن الكريم وليس هناك شر لم يحذر منه ، كل شيء في القرآن، فقهه من فقهه وجهله من جهله.

الإمامة والخطابة

تدرج الشيخ المغامسي في مجال العمل بالإمامة والخطابة، فقد بدأ – كما سجل في حواراته- الإمامة مساعدا في مسجد السلام بالمدينة عام 1408 هجري ومعها بدأ أولى دروسي العلمية في نفس المسجد ، وكان الدرس عصر كل خميس من كل أسبوع ، ثم أضحى درس تفسير مخصص ثلاثاء كل أسبوع . أما الخطابة فقد بدأ بصورة منتظمة عام 1412 هجري في مسجد المهاجرين بحي الهجرة بالمدينة ، ثم أصبح خطيبا لجامع الملك عبدالعزيز ثم من الله عليه في الشهر الخامس من عام 1427 هجري بالخطابة في مسجد قباء ومازال حتى الآن.

حسن الصلة بالله

وشدد الشيخ المغامسي على ضرورة أن يحسن المسلم صلته بربه، وأن يدرك أن بر الوالدين من الأعمال الصالحة التي تفيض عليه بالبركة في جميع جوانب حياته، وان يوقن أن الخلق كلهم لو اجتمعوا عليه لن يضروه بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليه، واستدل على ذلك بالعديد من الأدلة من القرآن والسنة، وبين الأعمال التي تفتح عليه رحمة الله، وأولها: أن يجعل الإنسان له حظا من قيام الليل، وأن يبتعد عن الظلم في كل مجال، فمن أراد العلم الشرعي يجب ألا يكون ظالما (لا ينال عهدي الظالمين)، وأن المسلم في الدنيا لا يحتاج الا الى رزق يكتفي به، ونور يهتدي به، لاسيما اذا كان من أهل العلم ، والعلم قسمان، علم مسموع، وهو الذي يأخذه عن شيخ أو يقرأه في كتاب وعلم ممنوح، وهو الذي يورثه الله عز وجل من يشاء من عباده.

ونصح بألا يشمت المسلم في أصحاب المعاصي، فقد ينجيهم الله ويبتلي الشامتين، وإذا رأى صاحب معصية عليه ان يقول كما قال أصحاب الأعراف «ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين»، ويسأل الله ان يرفع عنهم المعصية. كما حذر من آفة الكبر، موضحا ان كل معصية يمكن لصاحبها ان يخفيها الا الكبر، وحتى نتخلص من هذه الآفة علينا ان نتدبر القرآن فهو أعظم شيء يحيي القلوب.

يذكر أن المغامسي ولد في المدينة المنورة عام1383هجري، درس المرحلة الثانوية في معهد المدينة العلمي ومرحلة البكالوريوس(تخصص لغة عربية ) في كلية التربية بجامعة الملك عبدالعزيز ،وبدأ الدراسات العليا بجامعة الملك سعود ،عين مدرسا عام 1405هجري في مقر متوسطة كعب بن مالك بالمدينة ثم عين مشرفا تربويا عام 1413هجري.

وفي عام 1418هجري انتقل إلى كلية المعلمين بالمدينة، اعتنى بطلب العلم عبر كثرة القراءة منذ الصغر ، وأدرك العلامة المفسر الشيخ الأمين الشنقيطي وكان جارا له ولم يشرف بالأخذ عنه ، إلا أنه أخذت عن تلميذه الشيخ الجليل : عطية محمد سالم . رحمهما الله .

ويقول المغامسي عن نفسه أنه تأثر ايمانيا بالشيخ عبدالله عمر الشنقيطي ، وسعي كثيرا وما زال أن يتشبه به في تقوى الله والخوف منه وتعظيمه سبحانه وتعالى، كما تأثر بطريقة الشيخ عطية محمد سالم والشيخ عبدالقادر شيبة الحمد في التدريس لاعتمادهما على الشمولية في التعليم ، وهذا مطلب صعب ، لكنه اجتهدت في تحصيله، راض بما وصل إليه في هذا المجال، ويطمع من الله في المزيد ، وقل رب زدني علما .

وهكذا فإن سيرة الشيخ المغامسي حافلة بالعطاء، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك فيه ويفيض عليه من علمه، وأن يجمع كلمة أمتنا، ويجنبها الشرور والمفاسد.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت